بسم الله وحده والصلاة والسلام على من لا
نبي بعده وبعد:
من القضايا القديمة الجديدة التي تثار بين
الفينة والأخرى لغرض في نفس من يثيرها، قضية الإسراء والمعراج، هل أسري بالنبي
ﷺ بروحه وجسده ؟ أم بروحه فقط؟
فنجد فريقا من الناس ينكرها جملة وتفصيلا
وهؤلاء لا حديث معهم، وهناك من ينكر أن تكون هذه المعجزة حدثت بالجسد فقط، وهناك
فريق ثالث يعتقد أن هذه المعجزة حدثت بالروح والجسد معا.
فأي الفريقين على صواب؟
الذي
عليه علماء المسلمين أن الإسراء والمعراج كانا بالجسد والروح معا وليس بالروح فقط،
ذكر سعيد حوى في كتابه الأساس في السنة ما نصه:« وقال الدكتور البوطي: كان الإسراء
والمعراج بكل من الروح والجسد معاً،
على ذلك اتفق جمهور المسلمين من المتقدمين والمتأخرين. قال النووي في شرح مسلم ما نصه:
والحق الذي عليه أكثر الناس ومعظم السلف
وعامة المتأخرين من الفقهاء والمحدثين والمتكلمين أنه أُسري بجسده ﷺ،
والآثار تدل عليه لمن طالعها وبحث عنها، ولا يعدل عن ظاهرها إلا بدليل ولا استحالة
في حملها عليه فيحتاج إلى تأويل.
ويقول ابن حجر في شرحه على البخاري: إن الإسراء والمعراج وقعا في ليلة واحدة في اليقظة بجسده وروحه، وإلى هذا ذهب الجمهور من علماء المحدثين والفقهاء والمتكلمين وتواردت عليه ظواهر الأخبار الصحيحة، ولا ينبغي العدول عن ذلك إذ ليس في العقل ما يحيله حتى يحتاج إلى تأويل.»[1]
ومن الأدلة التي لا تقبل الاحتمال على أن الإسراء والمعراج كانا بالجسد والروح، أن مشركي قريش استعظموا ذلك، وتعجبوا منه وسارعوا إلى انكاره، واتخاذه دليلا لتشكيك الناس في دينهم، حتى ارتد ذوي الإيمان الضعيف.
أما لو كانت المسألة مسألة رؤيا وكان إخباره إياها لذلك على هذا الوجه، لما سميت معجزة ولما استدعى الأمر منهم أي تعجب أو استعظام أو استنكار، لأن المرئيات في النوم لا حدود لها، بل ويجوز مثل هذه الرؤيا حينئذ على المسلم والكافر، ولو كان الأمر كذلك لما سألوه أيضاً عن صفات بيت المقدس وأبوابه وسواريه بقصد الإلزام والتحدي.
وبالتالي فمن ينكر أن يكون المعراج بالجسد والروح معا يلزمه أن ينكر هذه المعجزة من الأساس، لأنه كما سلف لا يمكن أن نعتبرها معجزة إذا قصرنا وقوعها بالروح فقط.
يتبع..
ذ.تاعكي
محمد
مرحبا بتعليقاتكم واستفساراتكم