بسم الله الرحمن الرحيم
الجزء الأول من سورة الكهف من الآية 1 إلى 18
المضمون
العام للسورة.
المحور
الموضوعي للسورة الذي ترتبط به موضوعاتها، ويدور حوله سياقها، فهو العصمة من الفتن
والنجاة من شرورها وأخطارها، وذلك بتصحيح العقيدة وتصحيح قيمها، وحسن الثبات
عليها، والتمسك بها.
بيان فضل سورة الكهف.
ورد في فضائل هذه السورة الكريمة أحاديثُ
كثيرةٌ، تدلُّ على فضلِها، وتنوِّه بشرفها، وترغِّب في قراءتها وحفظها، وحسن
تدبرها :
عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ، عَنِ
النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «مَنْ حَفِظَ عَشْرَ آيَاتٍ مِنْ أَوَّلِ
سُورَةِ الْكَهْفِ، عُصِمَ
مِنْ فِتْنَةِ الدَّجَّالِ».
عَنْ أَبِي سَعِيدٍ
الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ مَنْ قَرَأَ سُورَةَ الْكَهْفِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ
أَضَاءَ لَهُ مِنَ النُّورِ مَا بَيْنَ الْجُمُعَتَيْنِ».
توثيق السورة والتعريف بها.
سورة الكهف سورة مكية، الثامنة عشرة في ترتيب المصحف الشريف، وعدد
آياتها (105).
توجد بعد سورة الإسراء، وقبل سورة مريم.
نزلت بعد سورة الغاشية، تعد من السور المئين، وهي إحدى السور الخمس، التي
افتتحت بتقرير الحقيقة الأولى في كل دين، وهي أن المستحق للحمد المطلق، والثناء
التام هو الله رب العالمين. والسور الأربع الأخرى التي
افتتحت بقوله تعالى : "الْحَمْدُ لِلَّهِ" هي :
الفاتحة والأنعام وسبأ وفاطر.
وسميت بسورة الكهف لاشتمالها على قصة أهل الكهف، والأحداث التي حصلت
لهم.
شرح المفردات.
المفردات أو الكلمات; معناها أو مُفادها
عوجا; ميلا وزيغا عن الحق.
قيما; مستقيما ذا اعتدال، لا اختلاف ولا تعارض بين
آياته، ولا ميل فيه ولا زيغ.
لينذر; ليحذر ويخوف.
بأسا شديدا; عذابا ذا قسوة وشدة.
من لدنه; من عنده.
ماكثين; أي باقين بقاءً أبدا.
كبرت كلمة; عظمت وتناهت في الإثم. لأنهم تناولوا مسألة فظيعة
شنيعة.
باخع نفسك; مهلكها ومجهدها، أي
تجهد نفسك في دعوة قومك إجهادا يهلكها.
أسفا; حزنا وهما.
زينة لها; أي زخرفا لها وما يصلح للتزين.
لنبلوهم; لنمتحنهم
ونختبرهم.
أحسن ; أصوب وأخلص.
صعيدا جرزا; أي ترابا لا نبات
فيه. والصعيد: هو طبقة التراب التي تظهر على وجه الأرض
ولا نبات فيها.
الكهف; النقب الواسع
في الجبل والضيق منه يقال له "غار".
الرقيم; اللوح
الذي كتبت فيه أسماؤهم.
أوى ; التجأ.
الفتية; وهم
الشباب في مُقْتبل العمر.
هيئ; يسر لنا.
رشدا; طريقا سديدا للخير وللحق،
(اهتداءً).
فضربنا على آذانهم; أي أليقنا عليهم النوم العميق.
بعثناهم; أيقظناهم من نومهم
الطويل.
أحصى; أي أضبط وأقدر لمدة لبثهم.
وربطنا على قلوبهم; قوينا
قلوبهم بالإيمان، وشددنا عزيمتهم به.
لن ندعو من دونه ; لن نعبد
من دون الله إلها آخر.
شططا; قولا مفرطا في البعد عن
الحق.
بسلطان بين; حجة ظاهرة وواضحة.
افترى; اختلق.
فأووا إلى الكهف; انزلوا
وادخلوا إليه.
ينشر لكم ربكم; أي يبسط
لكم
مرفقا; ما تنتفعون به في حياتكم
من أسباب العيش.
تزاور; تميل.
تقرضهم; تعدل عنهم وتبتعد.
في فجوة منه; في متسع من الكهف.
بالوصيد; فناء الكهف.
المضامين الفرعية.
الآية (1). حمد الله عز وجل نفسه على إنزاله القرآن الكريم على رسوله
صلى الله عليه وسلّم، وجعله كتابا مستقيما لا اعوجاج فيه ولا زيغ ولا ميل، بل يهدى
إلى الحق وإلى صراط مستقيم.
الآيات : (2←5). نزل هذا الكتابُ القيم المستقيم بهذا
النهجِ القويمِ ليحذر الكافرين والذين يفترون على الله الكذب من عذاب شديدٍ، ويبشر
المؤمنين الذين يعملون الأعمال الصالحة أن لهم نعيما دائماً.
الآية : (6). لا
تهلك نفسك- أيها الرسول الكريم- هما وغما، وحزنا وأسفا، بسبب عدم إيمان هؤلاء
المشركين، وبسبب إعراضهم عن دعوتك.
الآيتين : (7-8). في الآيتين بيان بأن الباري
تعالى إنما يزين الأرض بما عليها من وسائل الحياة لاختبار أعمال الناس فيها، وإنه
لسوف يجعلها قاحلة يابسة لا زينة فيها ولا حياة ولا وسائل ولا نبات.
الآيات : (9←12). هذا ملخص لقصة أصحاب الكهف وموجز لها،
فالآية تبين أن أهل الكهف فتية مؤمنون فروا بدينهم إلى كهف من الكهوف، وضرب الله
على آذانهم فناموا مدة طويلة، ثم بعثهم الله ليعلم مَنْ يحصي ويضبط مدة نومهم.
العرض التفصيلي لقصة أصحاب الكهف:
الآيات (13←16). يخبر الحق سبحانه أنه يقص خبر أهل الكهف بالحق، فهم فتية مؤمنون،
ثبتهم وربط على قلوبهم، وزادهم إيمانا، فكان منهم العزم والثبات، وأووا إلى الكهف
فرارا بدينهم، ورجاء لرحمة ربهم.
الآيات (17-18). في الآية بيان لحال أهل الكهف على طول مدة لبثهم، وأنهم تحت عناية
الله وحمايته، ولو شاهدهم المشاهد على الحال التي هم عليها لفزع منهم فزعا شديدا.
مضمون المقطع (1-18).
افتتاح السورة بحمد الله تعالى لنفسه لإنزاله على عبده الكتاب
المستقيم المعتدل، تبشيرا للمؤمنين العاملين، ونذيرا للكافرين والكاذبين المفترين
على الله الكذب، ودعوة النبي صلى الله عليه وسلم إلى عدم الحزن على إعراض الكافرين
المعاندين، ثم تناول المقطع كذلك قصة أصحاب الكهف بالإجمال والتفصيل.
العبر والعظات.
1وجوب حمد الله تعالى على آلائه وكرمه وعظيم
عطائه، وأن الحمد لا يكون إلا له جل جلاله.
2مهمة رسول الله صلى الله عليه وسلم قائمة
ومتجسدة في إنذار الظلمة والكفار، وتحذيرهم وتخويفهم من العذاب الشديد، وتبشير
المؤمنين الذين يعملون الصالحات بواسع العطاء والكرم.
3إن من مستلزمات الإيمان الالتزام بالسلوكيات
التي يفرضها ويقتضيها الإيمان. فإن من بديهيات
العقل ومسلماته أن لكل عقيدة يعتقدها الإنسان سلوكًا ينبثق عنها، وأخلاقًا
تظهر على معتنقيها.
4عليك أن تعلم أن النِّعَم والملذات الدنيوية إنما هي ابتلاءٌ
واختبار وامتحان.
5إقرار وتأكيد عقيدة التوحيد ضِمْنَ قصة أصحاب الكهف وثباتهم
عليها.
6بعْثُ الله تعالى لهؤلاء الفتية بعد هذه
المدة الطويلة هوَ مِنْ عجيب صُنْعِهِ تبارك وتعالى، الذي يدلنا عَلَى كَمَالِ
قُدْرَتِهِ تعالى عَلَى الْبَعْثِ بَعْدَ الْمَوْتِ، وأنه على كل شيء قدير.
مرحبا بتعليقاتكم واستفساراتكم