تجري الامتحانات الاشهادية في مادة التربية الإسلامية في نهاية كل موسم دراسي بالنسبة للسنة الأولى بكالوريا متمدرسين، والسنة الثانية بكالوريا أحرار، والسنة الثالثة اعدادي، وتهدف إلى قياس مدى تحقق الكفاية المستهدفة في مادة التربية الإسلامية قصد الاشهاد على صحة اكتساب المتعلم لهذه الكفاية ودرجة تحقق ادماج القيم والمواقف والاتجاهات عنده. ويتم هذا الامتحان عبر وضعية تقويمية تراعي خصوصية مادة التربية الإسلامية، وتستجيب لمقتضيات الأطر المرجعية باعتبارها الوثيقة الرسمية والملزمة التي توضح تفاصيل الممارسة التقويمية بشكل أدق، وتحدد المهارات المستهدفة في مادة التربية الإسلامية وأوزانها ونسبتها وأهميتها. وفي هذه الورقة سأحاول تقديم بعض التوضيحات والتوجيهات للارتقاء بأجوبة المتعلمين لتيسير عملية التصحيح وذلك ببيان طبيعة المهام والمهارات التي تطلب في الامتحانات الاشهادية وكيفية التعامل معها بغية تطوير الممارسة التقويمية وتجاوز مواطن القصور والخلل التي قد تعتري عملية التصحيح. أملي أن يجد القارئ في هذه الورقة ما يفيد، وتساهم في الرقي بالتقويم في مادة التربية الإسلامية، فما كان فيها من توفيق فيها فمن الله عز وجل.
مهمة تحديد المشكلة أو القضية:
من الأسئلة التي تتردد في مجموعة من الامتحانات الجهوية لمادة التربية الإسلامية بمجموعة من الأكاديميات الجهوية، سؤال تحديد المشكلة أو القضية، بحيث يطلب من المتعلم إما تحديد مشكلة الوضعية والتي هي عبارة عن التحدي الذي يطرحه تمثل موضوع الوضعية نظريا وسلوكيا في الواقع، أو يطلب منه تحديد قضية الوضعية أي الموضوع العام الذي تثيره الوضعية. وفي عناصر الإجابة المقترحة من اللجان المكلفة جهويا بإعداد مواضيع الامتحانات الاشهادية نجد من هذه اللجان من تقدم جوابا محددا لهذا السؤال، ومنها من تكتفي بعبارة ” يقبل كل جواب مناسب “، تاركة للمصحح السلطة التقديرية في قبول ما يراه جوابا مناسبا على أن يكون مرنا وإيجابيا في التعامل مع إجابة المترشح ويقبلها ما دامت الوضعية التقويمية تحتملها سواء قدم الموضوع العام أو التحدي الذي يطرحه، خاصة وأنه وبتتبع إجابات المتعلمين على هذا السؤال نجد منهم من يحدد المشكلة، ومنهم من يكتفي فقط بتحديد الموضوع الذي تثيره الوضعية التقويمية.
مهمة حصر المواقف الواردة في الوضعية:
قد يطلب من المرشح استخراج المواقف من الوضعية، وهنا لابد من القراءة المتأنية للوضعية بغية تملك موضوعها والمواقف التي تعبر عنها حتى يتسنى تحديدها بدقة، واتخاذ موقف حيالها إما بالتأييد أو المعارضة مع تعليل الموقف المتخذ تعليلا شرعيا أو عقليا. والمواقف التي تتضمنها الوضعية في الغالب لا تخرج عن موقفين أحدها يعبر عن موقف الشرع من قضية أو موضوع معين، وثانيها يعبر عن وجهة نظر أخرى مخالفة، فيكون المطلوب من المرشح تحديد المواقف الواردة في الوضعية، بتعبئة مكتسباته وتعلماته التي تلقاها طيلة السنة الدراسية لاختيار وتبني الموقف الصحيح من المشكلة التي تطرحها وضعية الاختبار وعلى هذا الأساس يكون تصحيح إنجازات المترشحين المتعلقة بهذا السؤال.
مهمة تعريف المفاهيم الشرعية:
في الامتحان تعطى للمتعلم مفاهيم شرعية ويطلب منه تعريفها لقياس مدى تملكه لكفاية التعريف وقدرته على تحديد وتمييز العناصر الرئيسة والتكميلية للمفهوم، وغالبا ما يأتي السؤال ب (عرف المفاهيم التالية…أو حدد المفاهيم الآتية…) فيكون المطلوب من المتعلم هو صياغة تعريف للمفهوم محددا عناصره ومكوناته الرئيسية والتكميلية. والمصحح في تعاطيه مع سؤال التعريف يقتضي منه تقليب النظر في جواب المترشح ومدى تضمنه على الأقل للعناصر الرئيسية التي لا يكتمل تعريف المفهوم بدونها بحيث إذا اختل عنصر منها اعتبر تعريف المفهوم ناقصا، بخلاف العناصر التكميلية للمفهوم والتي تزيد المفهوم وضوحا وبيانا. مع الحرص على عدم التقيد بحرفية التعاريف الواردة في الكتب المدرسية أو عناصر الإجابة وإنما المعول عليه اشتمال التعريف على العناصر الأساسية للتعريف. وفي حالة ما إذا اقتصر المترشح على بعض العناصر دون غيرها فللمصحح تقدير النقطة التي يراها مناسبة للجواب المقدم مع الحرص على تكافؤ الفرص بين جميع المترشحين وضمان حق التميز للفئة التي قدمت كل عناصر التعريف الرئيسية والتكميلية. فعلى سبيل المثال لو طلب من المترشح تقديم تعريف لمفهوم التسامح فالمطلوب منه ذكر عناصر ومكونات تعريف هذا المفهوم إما نصا أو التعبير عنها بما يدل عليها فيقول مثلا التسامح هو:
(1- اللين واليسر في المعاملات2- النابع من نبل المتسامح وكرمه3- بتنازله عما له من حقوق على الآخرين والتجاوز عن إساءتهم4- من غير ضعف ولا ذلة).
ونفس الأمر يقال مثلا في تعريف مفهوم الشريعة، فيحدد المترشح مكونات التعريف الأساسية الآتية فيقول:
1 – ما شرعه الله تعالى،2- للمكلفين من عباده، 3- من الأوامر والنواهي ، 4- المنظمة لشؤون الحياة، 5 – وسلوك الإنسان الفردي والجماعي)،وقد يضيف للتعريف ما يزيده وضوحا من مثل: (المتكونة من: أحكام العبادات، والمعاملات، والأقضية والأخلاق).
مهمة التمثيل للمفاهيم والقيم:
من المهارات المستهدفة في مادة التربية الإسلامية تدريسا وتقويما مهارة التمثيل للمفاهيم والقيم الشرعية المنصوص عليها في الأطر المرجعية، بحيث يطلب من المتعلم تقديم أمثلة ولا أمثلة للمفاهيم والقيم الشرعية لقياس امتلاكه لكفاية التمثيل، وترد أسئلة هذه المهارة بصيغ مختلفة من قبيل ” اذكر مثالين على بذل وعطاء عثمان بن عفان رضي الله عنه – اذكر مظهرين منافيين للعفو والتسامح – مثل بمثالين للاعتناء بجمال الطبيعة – اذكر تجليين من تجليات الوفاء – قدم نموذجين من نماذج البذل في سلوك.. – قدم سلوكيات تناسب القيمة الآتية، أو تنافيها…” وغيرها من الصيغ التي يكون المنتظر فيها من المتعلم تقديم أمثلة ولا أمثلة للمفاهيم التي تلقاها خلال مسارات التعلم والتي تحدد عناصر الإجابة بعضها، لكن المتعلم قد يورد أمثلة أخرى وفي هذه الحالة على المصحح أن يتريث في الحكم على جواب المتعلم ويقلب الأمر فإن رأى مسوغا وتأويلا مناسبا لقبول الجواب قبله ضمانا لحق المتعلم.
مهمة تصنيف الأمثلة للمفاهيم أوالقيم: وهذه المهارة ترتبط بسابقتها، والفرق بينهما أنه في المهارة السابقة يكون المطلوب تقديم المثال واللامثال، أما في مهارة التصنيف فيكون الغرض هو قياس مدى قدرة الممتحن على تصنيف الأمثلة وإلحاقها بالمفهوم وتمييز ما يندرج من الأمثلة فيه وما لا يندرج، كأن يأتي السؤال على الشكل الآتي: (حدد ما يعتبر وما يندرج في التسامح من الممارسات الآتية…. / صنف في جدول ما يعتبر ركنا من أركان الزواج و ما لا يعتبر من الآتي…) فيكون المتعلم مطالبا في هذا النوع من الأسئلة بتمييز المثال واللامثال، وإلحاق كل مثال بصنفه.
مهمة التمييز والمقارنة:
قد يطلب من المتعلم المقارنة والتمييز بين المفاهيم المتقاربة كالعفو والتسامح والدين والتدين. أو يطلب منه المقارنة بين المفاهيم المتضادة كالكرم والإسراف، فيكون المطلوب من المترشح هو تحديد مجالات التشابه والتمايز بين المفهومين، وهذا الأمر يتطلب تحديد مجال المقارنة والخصائص المطلوب المقارنة على أساسها مع التركيز على الخصائص الهامة والمميزة. فلو طلب من المتعلم مثلا المقارنة بين مفهومي الدين والتدين فالمنتظر هاهنا أن يقارن المتعلم بين المفهومين وبين أوجه التشابه والاختلاف بين مفهومي الدين والتدين كأن يقول مثلا في جوابه على هذا السؤال: ( الدين أمر إلهي ، واحد غير متعدد، حق كله رباني مكتمل ومتوازن و موافق لفطرة الخلق. وضروري لاهتداء الإنسان، قال تعالى: “إِنَّ الدين عِنْدَ الَّله الإسلام ” آل عمران 19. أما التدين فكسب إنساني، متعدد ومختلف(يعتريه الخطأ والصواب والتحريف والغلو والتفريط)، ومتفاوت (يعتريه الضعف والقوة والزيادة والنقصان..). لكنه في كثير من الأحيان ما يجيب المتعلم عن سؤال التمييز و المقارنة بإيراد تعريف المفهومين دون بيان التمايز بينهما، وفي هذه الحالة تتقاطع وتتشابه هذه المهارة مع مهارة التعريف السابقة الذكر، مما يتعسر معه قياس امتلاك المتعلم لمهارة المقارنة والتمييز ، ولتجاوز مثل هذه الإشكالات المفترض أثناء الممارسة الصفية الحرص على تمهير المتعلمين على هذه المهارة لتيسير التصحيح ولتفادي التداخل بين المهارات.
مهمة تحديد العلاقة بين المفاهيم والقيم:
من الأسئلة التي ترد في الامتحانات الجهوية لمادة التربية الإسلامية سؤال تحديد العلاقة بين مفهومين كالصبر واليقين أو العلم والإيمان وغيرها من المفاهيم التي نصت الأطر المرجعية على تحديد العلاقة بينها. وفي هذه الحالة يكون المطلوب من المترشح تحديد نوع وطبيعة العلاقة ( التفرع – التكامل – السببية………)، ثم صياغة تلك العلاقة في فقرة مختصرة منسجمة ومتكاملة توضح هذه العلاقة، ويستدل عليها بما يناسب من الأدلة الشرعية كلما كان ذلك مطلوبا. كأن يقول مثلا في بيان العلاقة بين العلم والإيمان ” العلاقة التي تربط بين العلم والايمان علاقة ترابط وتكامل، فبالعلم نرسخ الايمان ونقويه، ونكتشف أسرار الكون فنزداد خشية من الله تعالى ويقينا في قدرته وعظمته ” ثم يستدل على هذا المعنى مثلا بقوله تعالى في سورة البقرة: ﴿ كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُم رَسُولا مِّنكُم يَتْلُو عليْكُم آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُم وَيُعَلِّمُكُم الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُم مَّا لَم تَكُونُوا تَعْلَمُونَ ﴾، أو بغيرها من الآيات المناسبة لهذا المعنى. ومثال تحديد العلاقة كذلك بيان العلاقة بين مفهومي العقيدة والشريعة فيقال: (العلاقة التي تربط بين العقيدة والشريعة علاقة ترابط وتكامل، فالعقيدة أصل والشريعة فرع مبني على ذلك الأصل، كما لا يتصور عقلا الإيمان قولا، دون العمل بالجوارح، فالعمل ثمرة الإيمان قلبا وقولا، قال الله تعالى:” ءامنوا بالله ورسوله وأنفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه فالذين ءامنوا منكم وأنفقوا لهم أجر كبير” الحديد. 7.
مهمة الاستدلال بالنصوص الشرعية:
ويقصد بالاستدلال إيراد الشواهد الشرعية الدالة على شرعية المفهوم أو القيمة أو الحكم، أو دعم الموقف وتعزيزه بالنصوص الشرعية الصحيحة المناسبة المتضمنة للحجة الواضحة على ما يستدل عليه. وهنا يكون المطلوب من المتعلم اختيار الدليل الشرعي الصحيح المناسب على المفهوم الشرعي أو القيمة أو الحكم الشرعي أو الموقف وكتابته بدقة متضمنا موطن الشاهد على المعنى. ومن صيغ هذا السؤال أن يطلب من المتعلم الاستدلال بما يناسب من سورة يوسف أو سورة الحديد أو غيرهما على مفهوم شرعي أو حكم أو قيمة أو تعزيز ودعم موقف من المواقف من مثل الآتي:
ادعاء الاخوة أكل الذئب يوسف عليه السلام (قَالُوا يَا أَبَانَا إِنَّا ذَهَبْنَا نَسْتَبِقُ وَتَرَكْنَا يُوسُفَ عِنْدَ مَتَاعِنَا فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ وَمَا أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنَا وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ)
الاستدلال على العلاقة بين الصبر واليقين قوله تعالى:” ﴿ قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْرًا فصَبْرٌ جَمِيلٌ عسَى اَللَّهُ أَن يَأْتِيَنِي بَهِمْ جَمِيعًا إنهُ هَوَ اَلْعَلِيمُ اَلْحَكِيمُ ﴾ أو قوله تعالى: ﴿ قالوا إنك لَأنت يَوسف قَال أَنا يَوسف وَهذا أَخي قَد مَن الله عَلينا إنه مَن يَتق وَيصبر فَإن اَلله لَا يَضيع أَجر اَلمحسنين﴾
توظيف الآيات من السورة المقررة أو غيرها لدعم وتعزيز المواقف: ونقدم مثالا لهذا أثناء الحديث عن مهارة اتخاذ الموقف والتعبير عنه وتعليله.
مهمة استنباط الحكم الشرعي المناسب:
من المهارات المستهدفة في مادة التربية الإسلامية تدريسا وتقويما مهارة استنباط الأحكام الشرعية التكليفية ( الوجوب – الندب – التحريم – الكراهة – الاباحة)، وهذا يفرض علينا ضرورة التعاقد مع المتعلمين على الصيغ المعبرة عن هذه الأحكام مع التنبيه إلى أن هذه المهارة ليس الغرض منها استنباط الحكم الشرعي من أدلته التفصيلية، لأن تلك مهمة الفقيه المجتهد وإنما ينحصر الأمر على بيان وجه دلالة النص الشرعي المعين على حكم شرعي مخصوص. وترد هذه المهارة بطريقتين:
طلب تحديد الحكم الشرعي من السند أو الحامل ( النص الشرعي قرآنا أو حديثا)، وهذا يحتم ضرورة فهم معنى النص الشرعي واستيعابه، والوقوف على موطن الشاهد الدال فيه على الحكم لتحديد نوع دلالته على ذلك الحكم الشرعي ثم صياغته صياغة مناسبة ( وجوب، حرمة…..). ولتمكين المتعلم من مهارة استخلاص الحكم الشرعي المناسب لا بد من تمهيره على ذلك، وتمكينه من بعض القواعد التي تعينه على استخراج الحكم الشرعي في حدودها التعليمي كقاعدة الامر والنهي، فيتدرب المتعلم على أنه متى وجد في الآية أمر صرف في الغالب إلى وجوب القيام بالأمر الوارد في الآيةـ ونفس الامر إذا وجدنا صيغة نهي علمنا أن الحكم المشار إليه هو التحريم. ومن الأمثلة على مهارة استنباط الحكم من النصوص الشرعية، جواز الادخار في الإسلام للحاجة من قوله تعالى: « فَمَا حَصَدتُّمْ فَذَرُوهُ فِي سُنبُلِهِ إِلَّا قَلِيلًا مِّمَّا تَأْكُلُونَ » (يوسف47). و الندب إلى الإنفاق في سبيل الله من قوله تعالى: « وَأَنفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُم مُّسْتَخْلَفِينَ فِيهِ» (الحديد 7)
طلب بيان حكم بعض الوضعيات والحالات المرتبطة بالمفاهيم التي تم الاشتغال عليها في بعض الدروس كالزواج والطلاق… مع التعليل إما بدليل شرعي أو عقلي. مثاله طلب بيان حكم الحالات الآتية مع التعليل المناسب (حكم النظر الى المخطوبة – حكم اسقاط المهر تيسيرا للزواج – حكم الزواج من امرأة في عدة وفاة – حكم طلاق الزوجة وهي حائض). وهذه الأسئلة تكون على شكل جدول يتضمن الحالات والحكم مع التعليل الشرعي أو العقلي، وغالبا يقيد الحكم بالجواز أو عدم الجواز تجاوزا للإشكالات التي قد تطرحها طبيعة هذه الأسئلة والتي تحتاج منا جميعا الى البحث عن السبل الكفيلة بحسن تنزيل هذه المهارة وتمهير المتعلمين عليها بالقدر الكافي بما يجعلهم يدركون الفروق بين هذه الأحكام في حدودها المدرسي التعليمي.
مهمة استخراج القيم من النصوص الشرعية: القيم هي مبادئ سليمة، وفضائل معنوية حسنة، توجه سلوك الإنسان وترتقي به وتحقق الاطمئنان له وللجماعة. واستخلاصها من النص الشرعي من المهارات المستهدفة في مادة التربية الإسلامية تدريسا وتقويما ولها وزنها في جدول التخصيص وتكون محط السؤال في الامتحان بحيث يطلب من المتعلم استخراج القيم من الأسناد المرافقة للوضعية التقويمية أو من حوامل أخرى. والقيم إما أن تكون ظاهرة ومحددة في النص الشرعي، فيطلب من المتعلم استخراجها من العناصر الظاهرة والواضحة الدالة عليها من السند والتعبير عنها بصيغة مناسبة ودقيقة. أو تكون خفية وضمنية تحتاج إلى جهد تأملي لاستخلاصها، وهنا يتطلب استنتاج القيمة واستخلاصها من مجموع العناصر الضمنية الواردة في السند مثل الإشارات والأبعاد والسياق وغيرها ويتم التعبير عنها بصيغة مختصرة مناسبة ودقيقة دون اغفال الانتباه إلى بعدها الوظيفي وأهميتها في الحياة. مثال ذلك استخلاص قيمة الأمانة والمسؤولية من قوله تعالى « قَالَ اجْعَلْنِي على خَزَائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ » (يوسف: 55). ولا بد هنا من التنبيه إلى مسألة في غاية الأهمية وهي أن القيم التي تقترح في عناصر الإجابة إنما هي نماذج خاصة إذا كانت القيم ضمنية، إذ قد يتضمن السند قيما متعددة فتقبل كل قيمة يحتملها النص الشرعي سواء قدمت بالنفي أو الإيجاب كالعدل وتجنب الظلم في قوله تعالى: « قَالَ مَعَاذَ ٱللَّهِ أَن نَّأْخُذَ إِلَّا مَن وَجَدْنَا مَتَٰعَنَا عِندَهُۥٓ إِنَّآ إِذًا لَّظَٰلِمُونَ»، والتوسط وعدم الإسراف في قوله تعالى: « فَذَرُوهُ فِي سُنبُلِهِ إِلَّا قَلِيلًا ».
مهمة اتخاذ الموقف والتعبير عنه:
غاية هذه المهارة قياس قدرة المتعلم على تعبئة تعلماته (مفاهيم، أحكام، قيم، معارف، نصوص…) لبناء آراء وتبني اتجاهات منسجمة مع الشرع الإسلامي وقيمه ومقاصده و تركيب أسانيد ملائمة للمطلوب. ويتضمن التعبير عن الرأي أو الموقف إما تعزيزا إيجابيا لآراء ومواقف وتصرفات منسجمة مع هدي الشرع، أو رفضا وتقييما سالبا نقديا لآراء و مواقف وقيم وتصرفات مخالفة لهدي الشرع. فيعبر عن التأييد بأفعال من قبيل (أناصر)، (أثمن)، (أدعم)، ( أتفق)، (أقبل)، (أوافق). ويعبر عن الرفض بأفعال من مثل (أنا ارفض)، (اعترض)، (لا أقبل). مع تعليل الموقف المتخذ بحجج نقلية أوعقلية مناسبة تدعم الجواب. ومثال سؤال الموقف السؤال التالي: ( ما موقفك ممن يهمل أبناءه معتقدا أنه بإيقاع الطلاق سيتحلل من أي التزام أسري في تربيتهم والإنفاق عليهم ورعايتهم؟). فالمترشح هنا عليه أن يبدي معارضته لهذا الموقف مبينا أن الطلاق لا يعفي الانسان شرعا وقانونا من الالتزامات الأسرية في تربية الأبناء ورعايتهم والإنفاق عليهم. قال تعالى: « لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِّن سَعَتِهِ ۖ وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ »
مهمة توظيف المفاهيم والقيم: يقصد بالتوظيف استدماج المعرفة الإجرائية ( الأحكام والمفاهيم والقيم الشرعية) بقدر من التمكن يؤهل لتحديد خصائصها، واستخدامها بفعالية في مواقف متنوعة كالتحليل والتفسير والتقييم والحجاج والتعبير عن الرأي واتخاذ الموقف واقتراح الحلول وتثمين القيمة واعتمادها في التقدير. وأسئلة توظيف المفاهيم والقيم ترتبط بباقي المهارات الأخرى المستهدفة في مادة التربية الإسلامية ومن أمثلتها ما يلي:
أسئلة ربط المفاهيم والقيم بالذات:
أي بناء القناعات وبلورة الرؤى والمواقف واصدار أحكام تقييمية على الممارسات والأفكار والظواهر من حوله. (حدد موقفك مع التعليل ممن يمتنع عن التضامن والعطاء زمن الشدة رغم يسره).
أسئلة ربط المفاهيم والقيم الشرعية بالواقع والحياة: وذلك بإبراز أثرها ووظائفها الاجتماعية والتربوية والاقتصادية. أو بيان الخلل الذي يحدث في مناحي الحياة في حالة فقدها وتراجعها وما يترتب على ذلك. (بين أهمية العفو والتسامح في نشر المحبة وتماسك المجتمع – صف حال المجتمع الذي يضعف فيه الإنفاق في سبيل الله).
12. مهمة تحديد المستفاد من النص الشرعي:
يكون المطلوب هنا استخراج محتوى ومضمون النص بعد تحليله وتحويله الى فكرة مركزة ومعبرة وواضحة دون إطناب أو إخلال بالمعنى والدلالة. مثاله استخلاص المستفاد الآتي: (في الغرس والزرع نفع عام يعتبر صدقة للغارس الزارع) من الحديث النبوي: عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : “مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَغْرِسُ غَرْسًا أو يزْرَعُ زَرْعًا فيَأكُلُ مِنْهُ طَيْرٌ أوْ إنسانٌ أو بَهيمةٌ إلاَّ كانَ لَهُ بِهِ صَدَقَة “صحيح البخاري.
وختاما فالتقويم التربوي هو أحد ركائز المنظومة التربوية لكونه الأداة الفعالة للتأكد من تحقق الأهداف والغايات، إلا أنه يطرح ويثير كثيرا من الإشكالات والتساؤلات بين مختلف الفاعلين في المنظومة التربوية من مدرسين ومؤطرين ومتعلمين وأساتذة وغيرهم، وأغلب هذه الإشكالات تتمحور حول إمكانية تحقيق وإجراء تقويم بمعايير دقيقة تضمن تكافؤ الفرص بين المتعلمين وتكفل للجميع حقوقه، وتقلص من التباين والتفاوت الذي يحدث أثناء عمليات تصحيح إنجازات المتعلمين.
اعداد : المفتش التربوي محمد الطاهري / مديرية بني ملال
مرحبا بتعليقاتكم واستفساراتكم